وزير الأوقاف : الحياة رغم صعوبتها وتحدياتها مفعمة بالأمل والحفاظ على النفس البشرية من مقاصد الأديان والتوسع في الصدقات هو واجب الوقت
وزير الأوقاف في برنامج “حديث الساعة” :
الحياة رغم صعوبتها وتحدياتها مفعمة بالأمل
والحفاظ على النفس البشرية من مقاصد الأديان
والتوسع في الصدقات هو واجب الوقت
ومن لم يتعظ بتخطف الموت من حوله فلا واعظ له
ويؤكد :
الأمل الحقيقي هو القائم على العمل المبني على الأخذ بالأسباب
واجب الوقت الآن هو التراحم والتكافل
وإخراج الزكاة لعلاج المرضى وتجهيز المستشفيات
وتوفير الأدوات اللازمة للتطهير والتعقيم من أولى الأولويات
في إطار إلقاء الضوء على تحديات واقعنا المعاصر، والعمل على خلق حالة من الوعي الرشيد المستنير تحدث معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال لقائه الأسبوعي في برنامج: “حديث الساعة” على القناة الأولى والثانية والفضائية المصرية والنيل الثقافية وقناة نايل لايف، اليوم الجمعة 12 شوال 1441هـ الموافق 5/ 6/ 2020م عن الأمل وعدم اليأس، فالحياة رغم صعوبتها وتحدياتها مفعمة بالأمل، فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، مؤكدًا معاليه أنه لا يستطيع الإنسان أن يحيا حياة طبيعية بلا أمل، ولولا الأمل ما ذاكر طالب ولا اجتهد، ولولا الأمل ما زرع فلاح ولا حصد ، حتى مع الإشراف على الموت فقد قيل لأحد المسنين: مالك تُعنَى بزراعة النخيل وقد لا تحيا حتى تأكل من ثمره؟ فقال لمن قال له ذلك: يا بني زَرَعَ مَن قَبلنَا فَأكلنَا، ونَحنُ نَزرعُ لِيأكُلَ مَن بَعدنا ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها”، وفي رواية: “فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها”، أي : عليه أن يعاجل الزمن حتى يغرس شتلة النخيل أو الزروع أو نحو ذلك؛ تأكيدًا على أهمية العمل، وعلى أن الإنسان ألا يعمل لنفسه فقط ، إنما يعمل لشرف العمل، ولنفع الإنسانية، حتى إن كان على مشارف الساعة، “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها” ، فالأمل شيء هام ، حتى عد العلماء الإحباط واليأس والتيئيس والقنوط من رحمة الله (عز وجل) من الكبائر، يقول الحق (سبحانه وتعالى) على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): “وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ”، ويقول الحق (سبحانه وتعالى) في سورة سيدنا يوسف (عليه السلام): “إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ” ، موضحًا معاليه أن الحياة بلا أمل حياة جافة، قاحلة، شاقة، عابسة، كئيبة، محبطة، أما الأمل فشيء حلو شيء جميل، يقول الشاعر:
قـــال السماء كئيبة وتجهما قــلت ابتسم يكفي التجهم في السمــا
قال الليالي جرعتني علقــما قلت ابتسم ولئن جرعت العلقمــــــــا
فلـــــــــــــعل غيرك إن رآك مرنـــما ترك الـــــكآبة جانبًـــا وتبسمــــــا
ويقول الآخر:
يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفارج الله
اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه لا تيأسن فإن الكافي الله
فإذا بليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله
اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه لا تيأسن فإن الكاشف الله
والله مالك غير الله من أحد فحسبك الله في كل لك الله
وفي ظل الظروف الراهنة ، ومع هذه الجائحة التي أصابت البلاد والعباد في مشارق الأرض ومغاربها كتبت مناجيًا رب العزة (عز وجل) :
الناس عاجزة لا شيء ينفعها إلا رجاؤك يا ذا المن والكرم
مصر الكنانة لطفًا منك تحفظها مصر العروبة والإسلام من قدم
ومن سواك لهذا الفضل نقصده ومن سواك لرفع الكرب والغمم
” إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” ، يا من أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتبك ، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تعجِّل برفع الكرب والبلاء عن البلاد والعباد عن مصرنا وسائر بلاد العالمين:
أنت الكريم فما تُخِّيب قاصدًا أنت المجيب وشافي الأدواء
عز المصاب على الرضيع وأمه في الحجر ترنو نحوه بعناء
نرى من تُعْزَلُ عن رضيعها ، ومن تلد وسط الجائحة ، تنظر إلى طفلها ولا تستطيع أن تحتضنه ، ولا أن ترضعه.
وتود لو تفدي ضناها بنفسها يا للأمومة تحت قهر الداء
يا رب فرج كربها وكروبنا لتبدل السراء بالضراء
أنت القدير ومن سواك بقادر يا رب مُنَّ برحمة وشفاء
لا نيأس :
خليلي إن العسر سوف يفيق وإن يسارًا في غد لخليق
ويقول الحكماء: لا يغلب عسر يسرين، يسرًا قبله ويسرًا بعده، وقال الحكماء قديمًا: اشتدي أزمة تنفرجي، وشدة ظلام الليل إيذان بطلوع الفجر.
علينا أن لا نيأس، وألا نحبط، وألا نكتئب، وألا نفقد الأمل والثقة في الله (عز وجل)، فرب العزة (عز وجل) قادرٌ ، “إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون” ، “مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا” يا رب افتح لنا أبواب رحمتك.
موضحًا معاليه أن الأمل بلا عمل أمل أعرج لا يقوم على ساقين، إنما يقوم على ساق واحدة، كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: “لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة”، الأمل الحقيقي هو القائم على العمل المبني على الأخذ بالأسباب، وعندما ننظر إلى هذا الصحابي الذي جاء إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال يا رسول الله : أُطلق ناقتي – أي: أتركها بلا قيد ولا عقال – وأتوكل؟ أو أعقلها – أي : أقيدها وأربطها – وأتوكل ؟ نجد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له : ” اعقلها وتوكل”، عندما نطبق ذلك على واقعنا .
علينا أن نأخذ بأقصى الأسباب وبقوة، وبأسباب العلم ، ومن توفيق الله لك أن تأخذ بهذه الأسباب فعندما نطبق ذلك على واقعنا نقول: علينا أن نأخذ بتوجيهات أهل العلم، وخبراء الصحة والطب، فنقول: ارتد الكمامة وتوكل ، تجنب المصافحة وتوكل ، تجنب المعانقة وتوكل، نظف يديك تباعًا وتوكل، طهر المكان المحيط بك وتوكل، حقق التباعد وتوكل، عندما نفعل ذلك تكون قد حققنا معنى قول النبي (صلى الله عليه وسلم): “اعقلها وتوكل”.
وعليك أن تعلم أن نفسك أمانة عندك، وأن نفوس الآخرين أمانة، وأن حماية النفس من أعظم مقاصد الإسلام ومقاصد جميع الأديان، فمقاصد الأديان توجب عليك حماية نفسك، وتوجب عليك حماية الآخرين، الأمر لا يتوقف فقط عند حدود الدنيا، ولكنك إن قصرت في حماية نفسك أو في حماية الآخرين – فضلًا عن أنك تعرض نفسك لمخاطر الهلاك – فإنك تعرضها أيضًا للإثم والمعصية، ومن لم يتعظ الآن فمتى يتعظ ؟ ، ومن لم يتعظ بتخطف الموت من حوله فلا واعظ له، والشقي من وعظ بنفسه، والسعيد من وعظ بغيره.
وفي ختام حديثه أكد معاليه أن واجب الوقت الآن هو التراحم والتكافل، وأن إخراج الزكاة لعلاج المرضى وتجهيز المستشفيات وتوفير الأدوات اللازمة للتطهير والتعقيم من أولى الأولويات، وأن التوسع في الصدقات هو واجب الوقت.